الأدب إسلامي

 

دائمًا أنتَ بقلبي

 

 

بقلم :  الشاعر الإسلامي الأستاذ عبد الرحمن بن صالح العشماوي

  

 

  

 

 

دائماً أنتَ بقلبي
أنتَ في الأَعماقِ تحيا
يا أبا القاسمِ ، إنِّي

يا نبيّاً لك حُبِّي
قُدْوَةً ترْسُمُ دربي
لم أَزَلْ أُشْهِدُ رَبِّي

دائمًا أنتَ بقلبي

أيُّها الهادي البَشيرُ
أنتَ للدنيا ضياءٌ
أنتَ للخير مثالٌ

أنتَ نِبْراسٌ ونُورُ
وَجْهُكَ الوجهُ المنيرُ
قَدْرُهُ فينا كبيرُ

دائمًا أنتَ بقلبي

حبُّنا للهِ أَغْلَى
نحن وَجَّهْنَا إِليه
فهو أَهداكَ إلينا

وبه الإيمانُ أَحْلَى
 شُكْرَنا روحاً وعَقْلا
 رَحْمَةً منه وفَضْلا

دائمًا أنتَ بقلبي

أنتَ للرحمة كَنْزُ
أنتَ علَّمْتَ البرايا
أنتَ أَسْمَى من عَدُو

أنتَ للأخلاقِ رَمْزُ
 أنَّ تقوى اللهِ عزُّ
 همُّه غَمْزٌ ولمزُ

دائمًا أنتَ بقلبي

أنتَ خيرُ الأنبياءِ
أنتَ طرَّزْتَ المعاليَ
أنتَ يا أَحمدُ نورٌ
أنتَ نَهْرٌ سوف يَبْقَى

أنتَ عنوانُ الوفاءِ
 بخيوطٍ من ضياءِ
 فاضَ من غارِ حراءِ
جارياً دونَ غُثاءِ

دائمًا أنتَ بقلبي

لَكَأنِّي بالتِّلالِ
مثْلَ أزهار الرَّوابي
حينما تمشي عليها

مثْلَ حَبَّاتِ الرِّمالِ
 مَثْلَ هاماتِ الجبالِ
تَرتدي ثوبَ الجلالِ

دائمًا أنتَ بقلبي

سيِّدَ الخلقِ مُحمَّدْ
عشْتَ محمودًا حمِيدًا
عَشْتَ كالغيثِ جوادًا

خاتمَ الرُّسْلِ الممجَّدْ
 صَانَكَ اللهُ وسدَّدْ
 وبقَاعُ الأرضَ تَشْهَدْ

دائمًا أنتَ بقلبي

مُصْطَفَى اللهِ المُبجَّلْ
لم تدعْ للخير باباً
فبكَ الرحمنُ أعْلى

أنتَ يا أفْضَلَ مُرْسَلْ
 في وجوه النَّاس يُقْفَلْ
 جانبَ الدِّينِ وأكملْ

دائمًا أنتَ بقلبي

لم أزلْ أَسمعُ لحْنَا
ملأَ القلبَ صفاءً

قد سَمَا لفظاً ومعنَى
 وشفا الصَّدْرَ وأَغْنَى

*  *  *

كان لحناً كالشُّعاعِ
طلع البدْرُ علينا

طار في كلِّ البقاعِ
 من ثنيَّاتِ الوداعِ

دائمًا أنتَ بقلبي

كنتَ في الدنيا لطيفاً
كنتَ للناسِ مُحِبَّاً
هكذا عشْتَ كريماً

لم تكُنْ فيها عنيفاً
 وبهم برّاً رؤُوفاً
 رافعَ الرَّأسِ شريفاً

دائمًا أنتَ بقلبي

جَلَّ من أَعطاكَ قَلْباً
لم يكنْ يحمل إلاَّ
وَسِعَ النَّاسَ جميعاً

ظلَّ بالإِيمانِ رَحْباً
 ما سَمَا عَطْفاً وحُبّاً
 عَجَماً منهم وعُرْباً

دائمًا أنتَ بقلبي

نَهْرُكَ الكَوْثـَرُ يجري
شَرْبَةٌ تُداوي

بين أشجارٍ وزَهْرِ
 كلَّ مَا يَشكوه صَدْري

*  *  *

طيْنُه مِسْكٌ وعَنْبَرْ
كَوْثرٌ يُصْرَفُ عنه
نسألُ اللهَ تعالى
نرتوي منها ونغدو

والحَصَى دُرٌّ وجَوْهَرْ
 مَنْ تمادى وتكبَّرْ
 شَرْبَةً تُنْعِمُ بَالاً
عندها أحسنَ حالاً

دائمًا أنتَ بقلبي

يا أبا القاسمِ ، إنِّي
وبإحساسي وحبِّي
أنتَ في قلبي مقيمٌ

بكَ قد زَيَّنْتُ فنِّي
 لك ، قد أَحْسَنْتُ ظَنِّي
 لم تَغِبْ واللهِ عنِّي

دائمًا أنتَ بقلبي

أنتَ أهديتَ العبادا
ومن السُّنَّة نَبْعاً
ومَلأْتَ الكون صدقًا

من كتابِ اللهِ زادًا
 صافياً يُروي الفُؤادَا
 وصلاحاً ورشادًا

دائمًا أنتَ بقلبي

كيف تَروي كلمات
ما روى الرَّاوي علينا
وعن الخَنْدَق لـمَّا
حين فَجَّرْتَ صخورًا
حينما أَعَطَيْتَ فيها

ما جرى من مُعجزاتِ
 من أحاديث الثِّقاتِ
 كنتَ كالطَّود أَشَمًا
نُورُها في الأُفْقِ عَمَّا
عن فتوحاتِكَ عِلْماً

دائمًا أنتَ بقلبي

للحَصَى صوتٌ جميلُ
بين كفَّيكَ تَجلَّى

فيه تَسبيحٌ جليلُ
 ناطقٌ منها أصيلُ

دائمًا أنتَ بقلبي

أَطْلَقَ الجذْعُ الحَنيناَ
كيفَ لايَحزَنُ جِذْعٌ

راجياً ألاَّ تَبينا
 سمع الوَحيَ المبينا

دائمًا أنتَ بقلبي

خابَ مَنْ آذى الرَّسولا
لم يكنْ مُؤذيه إلاَّ
بأبي أَفدي وأُمِّي

وأتـٰـى أمراً مَهُولاً
 فاقدَ الحسِّ جَهُولاً
 مَنْ هَدَى مِنَّا العقولا

دائمًا أنتَ بقلبي

إِنَّه الكُفْرُ وَبَالُ
فيه خُسْرانٌ مُبينٌ
كيف يُؤْذٰى مَنْ هَدانا
يا أبا القاسمِ ، إنِّي

فيه للعقل خَبَالُ
 وضياعٌ وانحلالُ
 وإلى الله دعانا
فيك لاَ أرضـٰـى الهَوانا

دائمًا أنتَ بقلبي

سَيِّدَ الخَلْقِ اهتَدَيْنَا
جِئْتَ والدُّنيا ضَلالٌ
جئتَ نَهْراً من يقين
جئتَ بالإسلام هَدْياً
في سماء المَجْد لـمَّا

حينما جئْتَ إلينا
 دامسٌ يَسْطُو علينا
 فوردناَ واستقينا
فاتَّبعْنا واقْتَدَينَا
جئْتَ بالحقِّ ارْتَقَيْنا

دائمًا أنتَ بقلبي

رَفَعَ اللهُ المقاما
حينما أَحْيَيْتَ فينا
عاجزٌ عن وصف حبِّي
غير أنِّي سوف أبقىٰ
أنتَ عَبْدُ اللهِ تبقى
إنني أُهديك حُبّاً

حينما صِرْتَ إماماً
 منهجاً يرعىٰ الأَناما
 لك يا مَنْ يَتَسَامىٰ
رافعاً بالحبِّ هَاما
خَيْرَ مَنْ صلَّى وصاما
وصلاةً وسلاما

دائمًا أنتَ بقلبي  . . دائمًا أنتَ بقلبي

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ربيع الأول 1428هـ = أبريل  2007م ، العـدد : 3 ، السنـة : 31.